ردة الفعل التي ظهرت من المسلمين تُظهر بجلاء محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته في قلوبهم.. والمقاطعة التي بدأت تظهر آثارها وتؤتي ثمارها تعبير عما يكنه كل مسلم من محبة للنبي صلى الله عليه وسلم ليست محبة عاطفة فقط، وإنما هي من صميم الإيمان الذي لا يكتمل دون هذه المحبة "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين"..
ولكن للأسف هناك من يشكك في التعبير بتلك المحبة أو يحاول التقليل من أثرها، بل يدعو إلى التعقل وعدم الاندفاع في المقاطعة وكأننا سنخسر كل شيء إذا قاطعنا تلك البضائع أو الدول، ويحتج بحجج واهية أولها أننا لا نشكل لتلك الدول أهمية كبرى في الاقتصاد، وآخرها الاحتجاج بآيات القرآن الكريم على نصرة الله عزّ وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الأمر لا يستحق منا كل ذلك الجهد، حيث تكفل الله بنصرة نبيه صلى الله عليه وسلم.
حقاً إنه لأمر محزن أن نرى من بيننا من يقول ذلك.
نؤمن بلا شك بآيات القرآن الكريم، فالله عزّ وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ"، ويقول: "إلّا تنْصُرُوهُ فَقًد نَصَرَهُ الله"، ويقول: "إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ".. ونحن إذ نؤمن بهذه الآيات نعتقد أنّ الله عزّ وجل ناصر نبيه حياً وميتاً ومظهر دينه.. ولكن أفعالنا تلك ومقاطعتنا الاقتصادية هي تعبير عن حبنا نحن لنبي الهدى صلى الله عليه وسلم، فنحن أحوج ما نكون لتنمية هذا الحب والتعبير عنه، فالمناصرة للنبي صلى الله عليه وسلم بالدفاع عنه ليست أقلّ قدراً من مناصرته باتباع سنته عليه الصلاة والسلام.
إن هذا الحدث على بشاعته واشمئزاز نفس المسلم منه يفتح آفاقاً من الخير لا يعلمها إلا الله، فالمؤمن يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله لا يخلق شراً محضاً لا خير فيه، بل كل أمر يظهر فيه الشر لا شك أنه يحمل بين جنباته أبواب خير علمها من علمها وجهلها من جهلها.. والسعيد من ارتضى قدر الله وأخذ بأبواب الخير التي أمامه، فهل من أبواب خير في هذا الشر العظيم؟!
إنَّ إظهار محبته صلى الله عليه وسلم على هذا النمط الذي نراه اليوم من أبواب الخير..
إن اجتماع الأمة بكل طوائفها ودولها على إنكار هذا الشر هو من أبواب الخير.
إن نقل مشاعر الغضب ليراها الغرب على صفحات الإنترنت والصحف وشاشات التلفزة يبعث على تساؤلهم عن شخص النبي صلى الله عليه وسلم، ولماذا كل هذا الحب له.. إن ذلك من أبواب الخير..
إن إحياء سيرته صلى الله عليه وسلم واسترجاعها وإعادة دراستها وترجمتها إلى لغات العالم الحية هو من أبواب الخير.
إن إنشاء مواقع لنصرته صلى الله عليه وسلم على الإنترنت والتعريف بشخصه الكريم ودينه الكامل هو من أبواب الخير.
ولو لم يأت من ذلك الشر إلا أن يجدد كل مسلم محبته للنبي صلى الله عليه وسلم في قلبه لكفى بذلك خيراً.
و"عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير".
|